غير مصنف

كواليس تعامل سري بين عمان وإسرائيل

اتّصال هو الأولّ من نوعه منذ إزاحة بنيامين نتنياهو عن رئاسة الحكومة الإسرائيلية، جمع بين وزير خارجية سلطنة عمان بدر البوسعيدي ونظيره الإسرائيلي يائير لابيد بمناسبة توليه حقيبة الخارجية ضمن التشكيل الحكومي الجديد للاحتلال الإسرائيلي.

قدم الاتصال رؤية واضحة عن الوئام العماني الإسرائيلي وعدم اتخاذ سلطنة عمان موقفا مباشرا معاديا حتى للعدوان الإسرائيلي الأخير على القدس وغزة، بل إن البوسعيدي أعرب عن تفاؤله بالحكومة الإسرائيلية الجديدة التي يعرف رئيسها نفتالي بينيت بتطرفه ودعمه للاستيطان.

حماية إسرائيلية لعرش السلطان قابوس

وعكست المكالمة تواصل العلاقات الدافئة بين سلطة عمان والاحتلال الإسرائيلي القائمة على تعاملات سرية تاريخية بينهما منذ عقود، بدأت بلجوء السلطان قابوس مع صعوده للحكم في العام 1970 إلى الاحتلال الإسرائيلي واستعانته بالموساد الذي قدم له مساعدات أمنية شملت الاستشارات والتدريبات وإمدادات السلاح لمواجهة المتمردين على عرشه في ولاية ظفار جنوب عمان احتجاجا على وصوله إلى السلطة في انقلاب أطاح بوالده السلطان سعيد بن تيمور، بدعم من الحكومة البريطانية. 

وكان قابوس خريج الأكاديمية العسكرية الملكية البريطانية في ساندهيرست، وقد خدم في الجيش البريطاني.

عهد ازدهار التنسيق الاستخباراتي

عرف التنسيق الاستخباراتي السرّي أوجه بين عمان والاحتلال الإسرائيلي في مطلع ثمانينات القرن الماضي بإشراف نائب رئيس الموساد وقتها نحيك نفوت على التواصل مع كبار المسؤولين العمانيين، لبحث العلاقات بين الجانبين، إلى جانب بحث آليات مواجهة تأثيرات انتشار السلاح السوفييتي في المنطقة ونظام الحكم الجديد في طهران بعد عودة الخميني.

وراهن الاحتلال على تعزيز علاقاته مع عمان بعد اطمئنانه لمواقفها التي تصب في مصلحته. فقد أيدت عمان اتفاقية “كامب ديفيد” بين مصر والاحتلال الإسرائيلي في العام 1978، إضافة إلى تبنيها سياسة مستقلة عن مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية التي لم تكن تساوم وقتها بالحق الفلسطيني.

طمع إسرائيلي تحت غطاء تقديم العون

وإضافة للعلاقات السياسية والاستخباراتية، قدم الموساد الإسرائيلي العون لعمان  بتحسين مواردها المائية وري أرضها القاحلة. وصمم حاييم سابان، شقيق المهندس يائير، عضو الكنيست السابق من حزب ميرتس، خطة تصرف في المياه لفائدة عمان.

ولأن للاحتلال قاعدة تقول إنه يجب أن يأخذ ولا يعطي، فإن خلفية دعمه لعمان كانت محكومة بالطمع المكشوف في موقعها الاستراتيجي وثراء مواردها. فمساحة السلطنة  يساوي ضعف مساحة الأراضي المحتلة 15 مرة بعدد سكان لا يتجاوز الـ 4.5 مليون نسمة. وهي تطل على مضيق هرمز، بوابة الخليج الفارسي، حيث يتدفق عبرها 20٪ من النفط في العالم. وتشترك في حدودها مع اليمن والسعودية والإمارات العربية المتحدة وأقل من 200 كيلومتر، فوق خليج عمان، هي التي تفصل مسقط، العاصمة، عن البر الرئيسي الإيراني.

من السرية إلى العلن

في العام 1994، إثر توقيع اتفاقية أوسلو وبعد 30 عاما من الاتصال السري، خرجت العلاقات العمانية الإسرائيلية إلى العلن بتوجه رئيس الوزراء إسحاق رابين، إلى عمان حيث التقى قابوس. تلتها زيارة شيمون بيريز، الذي أصبح رئيسًا للوزراء بعد مقتل رابين، إلى عمان بعد عامين. وأسفرت هذه الزيارة  مباشرة عن فتح مكتب تجاري للاحتلال الإسرائيلي في مسقط، عاصمة عمان.

وتجمّدت العلاقات الرسمية بين البلدين بعد اندلاع الانتفاضة الثانية في أكتوبر 2000 ولكنها عادت إلى مجاريها في العام 2018، بزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو إلى عمان، وبعدها بتسعة أيام شرع وزير الاستخبارات والمواصلات السابق يسرائيل كاتس بزيارة أخرى إلى عاصمة السلطنة.

عمان.. الحلقة قبل الأخيرة من إعلان التطبيع

طيلة هذه العقود ظلت  سلطنة عمان تلعب دورا محوريا في تلميع صورة الاحتلال ساعية إلى دمجه بالعالم العربي، وقد توجت هذه المساعي بعقد مؤتمرات هامة على المستوى العالم العربي خلال العامين الأخيرين تمهيدا لتطبيع الإمارات والبحرين الذي رحبت به السلطنة، ما دفع المحللين للتنبئ بأنها تقف على بعد خطوة واحدة من إعلان تطبيعها بشكل رسمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى