ظلت مدينة القدس طيلة عقود من الاحتلال هدفا ومطمعا “إسرائيليا ” تعزز عبر الخيانات العربية وصفقات التطبيع المخزية التي أبرمت لتزيد من معاناة المقدسيين وتسهم في الدفع نحو تهجيرهم والتنكيل بهم ,فاسحة المجال أمام سلطات الاحتلال لتطلق العنان لمخططاتها التهويدية وتسرّع فيها,بغية الاستحواذ على المدينة المقدسة وطمس معالمها العربية الإسلامية .
موازنة ضخمة جديدة لإحكام القبضة على القدس
شكلت الموازنات الضخمة أحد أسلحة الاحتلال لتعزيز التهويد في مدينة القدس المحتلة، وربطها بتبعية كاملة اقتصاديًا و سياحيًا و اجتماعًا وثقافيًا، وهو ما جعل ما تسمى “وزارة القدس والتراث” التابعة له, تقر موازنة جديدة بقيمة 250 مليون شيكل, لتعزيز التهويد، خاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، فيما تعمل على خطة أخرى لتنفيذها ستعرض على الحكومة للمصادقة عليها قريبًا. مستغلة الصمت العربي والإسلامي والدولي إزاء ما يجري من تطهير عرقي وعمليات ترحيل لسكان القدس الأصليين.
وتعتبر خطة الموازنة هذه ,الجزء الأخير من خطة حكومة الاحتلال الخمسية التي صادقت عليها في 13 مايو 2018، تحت مسمى: “الخطّة الخمسية: تقليص الفجوات الاجتماعيّة والاقتصاديّة والتطوير الاقتصاديّ لشرقيّ القدس، 2018-2023 ,وهي خطة لئيمة لتهويد القدس وإحكام قبضتها عليها بمزاعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية في المدينة.
ويتضح ذلك جليا في تصريحات حكومة الاحتلال حينها بأن حطتها نبعت من الحاجة لتعزيز قدرة سكان شرق القدس (أي الفلسطينيّين) على الاندماج في المجتمع والاقتصاد الإسرائيليّ، وبذلك تعزيز حصانة العاصمة اقتصاديًا واجتماعيًا”.
الخطة الخمسية ومساعي تهويد القدس
تعمل سلطات الاحتلال من خلال خطتها الخمسية على “تغيير الوضع القائم في القدس، وصهر شطرها الشرقي مع الغربي ضمن رؤية إسرائيلية لتكون كأي دولة غربية أخرى لا تحمل أي طابع عربي ولا إسلامي”. إذ سيقع استخدامها لتنفيذ عدة مشاريع استيطانية ضخمة في القدس، في مناطق وادي الجوز، وجزء من حي الشيخ جراح، وأراضي جبل المشارف، و”التلة الفرنسية” القائمة على أراضي قرية العيسوية، وغيرها.كما سيقع دمج المقدسيين بالاقتصاد الإسرائيلي وجعل تبعيتهم كاملة للاحتلال، وصولًا لتعميق وتثبيت سيطرته الكاملة على المدينة وسكانها.حتى تكون المدينة المقدسة جاذبة للمستوطنين والأجانب وطاردة للمقدسيين والعرب.لأجل تكريس مطمعهم بأن تكون القدس عاصمة “إسرائيل الموحدة”
و تندرج الاعتداءات المتكررة على المقدسيين وتواتر عمليات هدم المنازل و قرارات الإخلاء التعسفية للسكان الأصليين ضمن أهداف هذا المخطط,إلا أن الاحتلال يؤكد في كل مرة أن مطامعه وجشعه ليس لهما حد, حيث صرح ما يسمى”وزير البناء والإسكان والقدس والتراث” الإسرائيلي زئيف إلكين بأن “العام المقبل سيكون عامًا يحمل الكثير من الزخم والحسم بالنسبة للقدس,مضيفا بأن المشاريع العديدة التي روج لها الاحتلال بدأت تؤتي ثمارها.
وفي السياق ذاته، تم إقرار نقل عدة مكاتب حكومية تابعة للاحتلال إلى مدينة القدس على غرار مراكز التوظيف والتقاعد التابعة لإدارة مصلحة السجون التي تضم عشرات الموظفين،و عدة وحدات من الشرطة الاحتلال تضم مئات من ضباط الشرطة، مثل مكتب التجنيد وقسم الطوارئ ومقر قسم المرور.
بالتمعن في كل هذا المسار,يتضح جليا أن صفقات التطبيع العربي لم تكن ألا إحدى خطط الاحتلال لذر الرماد على العيون ,والتغطية على جريمته التي ترتكب بحق القدس وما تمثله من قداسة للأمة قاطبة, على مرأى ومسمع من كل العالم الإسلامي الذي فضل الصمت والخنوع.