أشاد المحلل السياسي الإسرائيلي آرسين أوستروفسكي، بتغلغل الإسرائيليين داخل المجتمع الإماراتي. وتبجح بزيارة نحو 200 ألف إسرائيلي إلى الإمارات منذ توقيع اتفاقية التطبيع بين الجانبين، قائلا إنها ليست إلا البداية، وذلك في تعليقه على زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد إلى الإمارات وافتتاح سفارة الاحتلال في أبو ظبي، التي وصفها بالزيارة التاريخية، كونها الزيارة الأولى لوزير إسرائيلي.
تطبيع “تاريخي”
وفي السياق ذاته، شدد أوستروفسكي، على أن التطبيع المتسارع بين الإمارات والاحتلال الإسرائيلي “تاريخي”، لافتا إلى “المودة والصداقة والتقدير” بين النظام الإماراتي والإسرائيليين، معربا عن أمله في التحاق الشعب الإماراتي بمستنقع التطبيع.
واعتبر أن افتتاح السفارة الجديدة في أبو ظبي، والقنصلية في دبي، هو أيضا “حدثٌ تاريخي”، قائلا “الجملة الوحيدة التي لا أكف عن تكرارها هي: التاريخ يحدث الآن، لقد كررتها مرات عديدة على مر الـ12 شهرا الماضية”.
وقال المحلل الإسرائيلي: “شهدنا على تقدّم في العلاقات بين “إسرائيل” و الإمارات ” بوتيرة هائلة بدءًا من الرحلات المباشرة والعلاقات الثنائية، وصولًا إلى الاتفاقات التجارية والترتيبات الثقافية والتدفق والتبادل بين الشعبين الذي أعتبره أمرًا مشجعًا ويحدث بوتيرة سريعة، لكن أعتقد أنّ هذه الأمور ستؤدي إلى توطيد العلاقات أكثر”.
وأضاف: “لقد رأينا إلى أيّ مدى وصلت الأمور، لكن أعتقد أنّ بإمكانهم تحقيق المزيد من خلال السفارة الدائمة والدبلوماسيين الدائمين في كلتَيْ الدولتين”.
200 ألف إسرائيلي.. كيف استقطبتهم الإمارات؟
ومنذ توقيع اتفاقية التطبيع، تهافت الإسرائيليون على زيارة الإمارات التي تجندت لاستقطابهم. فقد أطلقت الإمارات رحلات جوية مباشرة من وإلى الأراضي المحتلة. ودشنت شركة الطيران الوطنية الإماراتية “الاتحاد للطيران”، خطا مباشرا بشكل ثابت بين أبوظبي و”تل أبيب” بعد أن أعفت الإسرائيليين من التقيد بإجراءات الحجر الصحي الإلزامي.
قبل ذلك، أعفى النظام الإماراتي الإسرائيليين من التأشيرة للدخول إلى الإمارات، وموّل شركات الطيران لتجريَ تخفيضات على التذاكر الموجهة للإسرائيليين. فشركة “وايز اير أبو ظبي”،
باعت التذكرة الواحدة بـ15 دولار هو أقل سعر طُرح لتذاكر طيران، ما شجع الإسرائيليين على الحجز بكثافة نحو الإمارات.
ولم يكتف حكام الإمارات بالإعداد اللوجستي لاستقبال الإسرائيليين، بل هيؤوا أجواء عامة تضرب قيم المجتمع الإماراتي المحافظ وأخلاقياته، ولكنها تتناسب مع ميولات الإسرائيليين، كإعلان الإمارات استضافتها لمؤتمر عالمي للمثلية الجنسية، وإدخال سلسلة من التعديلات القانونية أبرزها إباحة تناول الخمور، والسماح بالمساكنة، أي إقامة الأزواج غير المتزوجين معا، بعدما كانت هذه المسألة ممنوعة بموجب القانون الإماراتي.
كما أباحت الإمارات للإسرائيليين الاحتفال بعيد الفصح على أراضيها بعد أن شاركتهم احتفالاتهم الدينية، على غرار الاحتفال بعيد “حانوكا”.
وجندت الإمارات أبواقا دعائية تلمع صورة الإسرائيليين وتمجد إقامة الصداقات معهم بصرف النظر عن انتمائهم لكيان محتل، يغتصب أرض الفلسطينيين ويرتكب مجازر وجرائم حرب ضدهم على مدى عقود.
فعلا.. هذه ليست إلا البداية!
وكما قال المحلل السياسي الإسرائيلي آرسين أوستروفسكي، فإن هذه الهستيريا التطبيعية، ليست إلا البداية. لأنه على ما يبدو، فإن الإمارات ماضية في ترسيخ مستقبل مشتعل بالتطبيع. وهو ما أكده وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد عند مشاركته لنظيره الإسرائيلي يائير لابيد في كتابة مقال بصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، اعتبر فيه أن التطبيع مع المحتل الغاشم هو “اختيار للسلام”، مشددا على تصميم حكام الإمارات على تنفيذ كل الاتفاقيات المبرمة مع الاحتلال الإسرائيلي من أجل “خلق مستقبل أفضل للأجيال القادمة” وفق قوله.
ومن هنا تجلّى أن حكومة الإمارات تكتب تاريخا كاملا لمستقبل ممتد من التطبيع، تحاول على قدر الإمكان أن تقحم فيه الشعب الإماراتي الأبيّ، سواء بضرب وعيه وتغييب فكره أو بالقمع وقوة العصا.