واصل المستوطنون اقتحام المسجد الأقصى الشريف منذ الساعات الأولى من صباح يوم عرفة الـ 9 من ذو الحجة الموافق ليوم 19 يوليو/ تموز 2021، استكمالا لـ”الاقتحام الكبير” يوم التروية الإسلامي -أمس الأحد- الذي تزامن مع “ذكرى خراب الهيكل” المزعومة، إذ اقتحم نحو 1300 مستوطن الأقصى تحت حماية شرطة الاحتلال ووسط اعتداءات سافرة على المقدسيين والمقدسيات والمرابطين والصحفيين.
تأمين للمستوطنين وكابوس للمرابطين والمقدسيين
وأكدت دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، في بيان، أن “101 مستوطن، اقتحموا المسجد الأقصى صباح اليوم بحراسة الشرطة الإسرائيلية”، وسط توقعات بإقدام أعداد أخرى من المستوطنين على اقتحام المسجد عشية يوم عرفة، فعادة ما تتم الاقتحامات على فترتين: الأولى صباحية والثانية بعد صلاة الظهر عبر باب المغاربة في الجدار الغربي للمسجد.
وأطلقت شرطة الاحتلال الإسرائيلي طائرة مسيرة فجر اليوم لتأمين اقتحام المستوطنين مقابل انتشارها في باحات الأقصى لإبعاد المرابطين بالقوة واعتقال المقدسيين مع عسكرة مدينة القدس لترهيب الأهالي وسرقة فرحتهم بالعيد ومنعهم من التبضّع.
ويأتي ذلك بعد يوم أسود مرّ على المرابطين داخل الأقصى، عاشوا فيه على وقع اعتداءات همجية وعنف وضرب في ساحات المسجد وعلى بواباته مع منعهم من دخول المسجد لساعات بعد أن أقامت عليه قوات الاحتلال حواجز حديدية.
وأدانت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، في بيان سابق، السماح للمستوطنين بأداء طقوس دينية خلال اقتحاماتهم للمسجد الأقصى، بعد تداول مقطع مصور يظهر قيام عدد من المستوطنين بإقامة الصلوات التلمودية في الناحية الشرقية من المسجد الأقصى.
“بينيت” يشجع ثم يتراجع.. والسلطة الفلسطينية تحذّر
وفي أثناء هذه الاعتداءات الوحشية خلال أقدس أيام المسلمين، أصدر رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينت، الأحد، تعليمات بمواصلة اقتحام المستوطنين المتطرفين باحات المسجد الأقصى بالقدس المحتلة بشكل منظم وآمن.
وقال بينيت إنه “يجب الحفاظ على حرية العبادة لدى اليهود والمسلمين” داخل المسجد الأقصى، في تصريح هو الأول من نوعه، ما أثار ردود فعل فلسطينية وعربية، منددة.
وسرعان ما تدارك ديوان رئاسة الوزراء الإسرائيلي،اليوم الإثنين، بالتأكيد إن بينيت، أخطأ التعبير عندما قال إن لكل من اليهود والمسلمين حق “حرية العبادة” في المسجد الأقصى وأنه كان يعني أن لكل من المسلمين واليهود “حق زيارة” المسجد، وليس “حق العبادة”.
وبعد تصريحات بينيت، حذرت السلطة الفلسطينية من التصعيد الإسرائيلي الخطير باقتحام المستوطنين لباحات المسجد الأقصى المبارك، وأدانت استمرار الانتهاكات الخطيرة للمستوطنين، معتبرة ذلك تهديداً خطيراً للأمن والاستقرار، واستفزازاً لمشاعر الفلسطينيين، محمّلة الحكومة الإسرائيلية مسؤولية هذا التّصعيد.
وشدّدت على أنّ هذه الاستفزازات الإسرائيلية، تشكل تحدياً للمطالب الأمريكية التي دعت للحفاظ على الوضع التاريخي القائم في القدس.
واعتبر رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، الاقتحامات التي نفذها مئات المستوطنين لباحات المسجد الأقصى المبارك، يوم الأحد، انتهاكًا خطيرًا لقبلة المسلمين الأولى؛ يستهدف فرض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد.
ودعا اشتية، المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لوقف تلك الانتهاكات، لما تشكّله من استفزاز لمشاعر المسلمين، وتهديد للأمن والسلام والاستقرار في المنطقة والعالم، وتجاوز للبروتوكولات المعمول بها في المسجد منذ احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية عام 1967.
المرابطون صامدون.. ودعوات لشد الرحال إلى الأقصى
ورغم بشاعة الانتهاكات وتصعيد الاعتداءات، تجلد المرابطون بالصبر وتمسكوا بالصمود لإفشال الاقتحام، مثلما نجحوا في إفشال مخطط احتلال الأقصى في الـ28 من رمضان الفارط في “مسيرة الأعلام” الاستفزازية.
ولم يغادر المرابطون الأقصى مستمرين بترديد التكبيرات تزامنا مع لحظات الاقتحام، تعبيرا عن استبسالهم في الدفاع عن القدس ومقدساتها.
وبالتوازي مع هذا الصمود، تتواصل الدعوات منذ أكثر من أسبوع لتكثيف التواجد وشدد الرحال إلى الأقصى للرباط فيه منذ يوم التروية حتى يوم عرفة وأيام عيد الأضحى المبارك، حتى يتم التصدي لقطعان المستوطنين ومنعهم من تدنيس الأقصى وإفساد فرحة المسلمين بالعيد وفقا لمخططاتهم.
كما حشد النشطاء للالتحاق بالمسجد الأقصى لأداء صلاة عيد الأضحى المبارك الموافق للثلاثاء 20 يوليو/تموز 2021.
الذود عن الأقصى.. معركة شرف أهدره المطبّعون
أثبت المقدسيون والمرابطون أنهم يفدون المسجد الأقصى الشريف بحياتهم، فهم يتمسكون بالبقاء فيه رغم كل الاعتداءات التي تعرضوا لها، ويعودون إليه بصدور عارية صامدة في وجه قوات إسرائيلية مدججة بالأسلحة وعصابات مستوطنين متطرفين، من أجل الذود عن القدس ومقدساتها.
فالفلسطينيون مؤمنون من أكبرهم إلى أصغرهم بأن القدس هي نبض الروح وهم يتوارثون عشقها، ولكن التمسك بعروبة القدس صار اليوم مهما أكثر من أي وقت مضى أمام حالة التشرذم العربي غير المسبوقة، وأصبح مسألة ذود عن شرف أهدره الحكّام العرب المطبّعون الذين باعوا فلسطين وحقها مجانا، وانخرطوا في تنفيذ أجندات الإسرائيليين، وطأطؤوا رؤوسهم لخدمتهم والتواطئ معهم ضد العرب والمسلمين والفلسطينيين بصفة خاصّة.