رغم تنامي العلاقات المغربية الإسرائيلية في الآونة الأخيرة بصورة لافتة، لكن أصواتًا لدى الاحتلال حذرت مما أسمته المبالغة في هذه العلاقات، لاسيما فيما يتعلق بالاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، التي تعدّ سبب خلافات مزمنة للمغرب مع جيرانه، خاصة الجزائر، مع العلم أن تل أبيب وعدت الرباط بإعلان هذا الاعتراف مقابل التطبيع بينهما.
يعتبر المغرب أن دولة الاحتلال من خلال إعطائها وعدا بحضور الولايات المتحدة بالاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء تعدّ شريكة حقيقية، رغم أن هذه الخطوة فيما لو تمت تعني تورطا إسرائيليا خطيرا في قضايا ذات صبغة عربية بحتة، ما يجعل الاستقواء بها يترك آثاره السلبية الخطيرة على العلاقات العربية البينية، لاسيما بين الجيران، مثل المغرب والجزائر.
أحلى من العسل
جاكي خوجي، محرر الشؤون العربية في إذاعة جيش الاحتلال، زعم أنه بعد مرور عامين على اتفاق التطبيع بين الرباط وتل أبيب، فإن علاقتهما تبدو “أحلى من العسل”، حيث أظهرت الأولى عاطفة عميقة تجاه الثانية، وأبدت رغبتها، بعكس الآخرين، بإظهار هذه العلاقات الخاصة، وليس لديها نية لإخفائها، أو الاعتذار عنها، بل تم نشر إحدى الصور ذات التعبير الرمزي المتمثلة بزيارة رئيس الأركان أفيف كوخافي للمغرب وهو يسير بين القبور اليهودية في المقبرة القديمة لمراكش”.
وأضاف في مقال لصحيفة معاريف، أن “الصورة حملت دلالات خطيرة، وتعني أن الضابط الأول في جيش الاحتلال الإسرائيلي، وهو يرتدي زيه الرسمي، على أرض عربية، في موقع لا يرمز فقط إلى الوجود اليهودي، بل إلى تاريخ طويل مع معان سياسية ووطنية عميقة، وهذه دلالات لا تخطئها العين عن توثق العلاقات المغربية الإسرائيلية”.
تطرق الكاتب إلى أن “المغرب يتوقع من إسرائيل موقفا علنيا وواضحا تجاه مستقبل الصحراء الغربية في ظل التوتر الناشب مع الجزائر بشأنها، لكن تل أبيب التزمت الصمت المدوي تجاه المطلب المغربي الذي جاء في خطاب للملك قبل أيام، صحيح أنه لم يذكر إسرائيل بالاسم، لكنه تحدث عن “شركائنا الجدد”، ولا شك أنها المقصودة، وصحيح أن تل أبيب لم ترد علانية على مطلب المغرب، لكن يائير لابيد حين كان وزيرا للخارجية وصف في آذار/ مارس انحياز إسبانيا بجانب المغرب في هذه القضية الساخنة، بـ”التطور الإيجابي”.
إلحاح من المغرب
تتحدث الأوساط الإسرائيلية أن إلحاح المغرب على طلب موقف واضح من تل أبيب بشأن هذه القضية المتفاقمة قد يجعلها عالقة في مسألة خطيرة وحساسة، ما يجعلها تظهر تعثرا ومحرجة، لأن اعترافها بحق المغرب في الصحراء الغربية يدفع الفلسطينيين لطرح أسئلة أساسية عليها حول الأراضي والحدود والسيادة.
وبالتالي، فإن أي دعم إسرائيلي للمغرب قد يعود عليها بآثار سلبية، ترى أنها في غنى عنها، لأنه إذا كان لها رأي واضح فيما يتعلق بسيطرة المغرب على الصحراء الغربية، فمن المؤكد أن لديها أيضًا موقفًا حازمًا بشأن سيطرتها على الفلسطينيين، واحتلال أراضيهم.
زيارة كوخافي للمغرب
في الوقت ذاته، فإن زيارة كوخافي للمغرب أتت كجزء من التعاون بين الجيشين، وإلا فما علاقة الجيش الإسرائيلي بدولة تبعد عنه آلاف الكيلومترات، ما يشير بصورة واضحة إلى الصناعات العسكرية، في ضوء التوتر الذي يشهده المغرب مع الجزائر، التي تعدّ الراعي الأول لجبهة البوليساريو، وحفاظ المغرب على سيطرته على الصحراء الغربية، يحتاج منه تفوقا عسكريا عليهما معاً، وفي هذه الحالة تشعر دولة الاحتلال أنها قد تؤمّن للمغرب هذه الميزة من خلال الأنظمة المتطورة والمعدات الحصرية.
لا تخفي دولة الاحتلال أنها بهذا التقارب مع المغرب، تصطاد ثلاثة عصافير بحجر واحد: أولاها تكسب عائدات مالية جيدة من صادرات الأسلحة، وثانيها تقرب منها صديقًا عربيًا مهمًا، وثالثها توجه ضربة للجزائر التي تقترب في السنوات الأخيرة، خاصة في ظل حكم الرئيس عبد المجيد تبون، من المعسكر الإيراني، ولذلك فقد سبق كوخافي إلى المغرب وزير الحرب بيني غانتس، وكبار المسؤولين في الصناعات العسكرية، والضباط والخبراء المرتبطون بالأنظمة العسكرية الحساسة.