يُشيد الاحتلال “الإسرائيلي”، باتفاق ترسيم الحدود البحرية المُرتقب، مع لبنان، معتبرًا أنّه “فرصة مهمة لضمان أمنه”، ما يعني تطبيعًا جديدًا، بين الكيان المُجرم والعرب، في مصلحته فقط، ليُلغي أيّ مصالحٍ عربية لُبنانية.
وقد أكدت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الهرار أن “تشدد إسرائيل في مواقفها لبى كل متطلباتنا ولبنان تراجع”، مشيرة الى انه “سيكون هناك اعتراف بالخط العائم، وأن الاتفاقية ستصادق عليها الحكومة الإسرائيلية كخطوة أولى”.
مطالب إسرائيل كاملةً
وفي وقت سابق، أكد رئيس مجلس الأمن القومي التابع لمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية إيال حولاتا، إنه “تم تلبية جميع مطالب إسرائيل في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية. وعليه، نحن في طريقنا إلى اتفاق تاريخي مع لبنان”.
وأضاف حولاتا :”لقد تم تعديل وتصحيح التغييرات التي طلبناها. حيث حافظنا على مصالح إسرائيل الأمنية”.
ومطلع الشهر، أعطى رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد موافقة أولية على مسودة اتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة لترسيم الحدود البحرية مع لبنان، وقال أمام الحكومة إن المسودة ستصون مصالح إسرائيل الأمنية والتجارية بشكل كامل.
كما أعرب لابيد عن انفتاحه على فكرة إنتاج لبنان للغاز الطبيعي من حقل متنازع عليه في البحر المتوسط إذا حصلت إسرائيل على رسوم منه.
تعزيز أمن إسرائيل
واعتبر لابيد أن الاقتراح الأمريكي سيرفع من اقتصاد إسرائيل، ويُعزز الأمن الإقليمي في المناطق الشمالية لإسرائيل قرب الحدود اللبنانية، وسيسمح لإسرائيل بإنتاج غاز طبيعي إضافي وتوفير عائدات جديدة للخزينة الوطنية.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي: “منذ أكثر من عقد، تحاول إسرائيل التوصل إلى هذه الصفقة. سيتم تعزيز الأمن شمالا وسوف يعمل حقل كاريش وينتج الغاز الطبيعي. وستتدفق الأموال إلى خزينة الدولة وسيتم تأمين استقلال الطاقة لدينا. الصفقة تعزز أمن إسرائيل واقتصادها. نحن لا نعارض تطوير حقل غاز لبناني إضافي، سنحصل منه بالطبع على الحصة التي نستحقها، وهذا الحقل سيضعف اعتماد لبنان على إيران، ويكبح حزب الله ويعزز الاستقرار الإقليمي”.
إنجازٌ مهم للاحتلال
يعتبر أورنا مزراحي وبنينا شارفيط باروخ، الباحثان في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، أن الاتفاق مع لبنان بشأن قضية الغاز البحري سيحقق إنجازاً مهماً لإسرائيل. بالتزامن مع حملات المعارضة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو، على حكومة الاحتلال، لاتجاهها نحو الاتفاق مع لبنان، رغم الخلافات على بعض بنوده، يشير مزراحي وباروخ إلى أن الاتفاق بات في مراحله النهائية قبل توقيعه والمصادقة عليه من جانب الطرفين.
يقول الباحثان إنه، استناداً إلى التسريبات، يبدو أنه ينص على ما يلي: تبني الخط 23 كخط حدودي عملي (لا كحد نهائي)، إذ ستبقى مساحة الـ 5 كم الأولى الموازية للساحل على ما هي عليه، استناداً إلى الخط العائم الإسرائيلي.
ويتابعان: “مع بدء استخراج الغاز من كاريش، والموجود كله في المياه الاقتصادية الإسرائيلية، ستبدأ أيضاً الحفريات في حقل الغاز المُحتمل في الجانب اللبناني المُسمّى حقل قانا/ صيدون بواسطة مجموعة دولية تتشكل من شركتي توتال الفرنسية (40٪) وإيني الإيطالية (40٪). أمّا الشركة الروسية فقد انسحبت، وبات الجزء المخصص لها في يد الحكومة اللبنانية. وسيتم تعويض إسرائيل عن جزء من حقل قانا (الثلث تقريباً) الموجود ما بعد الخط 23 إلى الجانب الإسرائيلي (كما يبدو بموافقة الشركات المعنية)، في حال بدأ استخراج الغاز من هذا الحقل.
على الصعيد الاستراتيجي: يعتقد الباحثان الإسرائيليان أنه من شأن الاتفاق بين لبنان وإسرائيل أن يُحدث تغييراً إيجابياً جوهرياً في العلاقة بين الدولتين اللتين هما في حالة عداء، كما من شأنه أن يفتح الباب أمام تطورات في العلاقة المستقبلية بين الدولتين، رغم نفي هذا الأمر من جانب السلطة اللبنانية الرسمية، كما من جانب الناطقين باسم “حزب الله”، وعلى رأسهم نصر الله. ويرجحان أن يحاول نصر الله التقليل من أهمية الاتفاق، الذي يجعل ادعاءاته بشأن عدوانية إسرائيل وضرورة حفظ سلاحه كـ “حارس للبنان” تفقد معناها.
كذلك تستطيع إسرائيل أن تشير إلى مساهمتها في مساعدة لبنان على النهوض باقتصاده المنهار، لأن في استقراره مصلحة لها!