كان “التطبيع” أبرز عبارة ارتبطت بسياسة تركيا الخارجية هذه السنة، ويبدو أن بعض النتائج قد تحققت أخيرًا. كشف مسؤولون أتراك مؤخرًا أن هناك محادثات جارية بين تركيا ومصر بشأن إحياء العلاقات والتعاون في مجال الطاقة شرق البحر الأبيض المتوسط.
مع ذلك، لا تعد مصر سوى أحدث إضافة إلى قائمة الدول المُطبّعة للعلاقات مع تركيا، وذلك مع إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه أن تركيا و”إسرائيل” تجريان محادثات حول التعاون المحتمل في مجال الطاقة. كما يبدو أن علاقات تركيا مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في طور التحسن.
على الرغم من أن بعض الأشخاص حاولوا تأطير مسعى تركيا الثنائي الأخير لإصلاح العلاقات مع كل من مصر و”إسرائيل” وبعض دول الخليج في محاولة لإنهاء عزلتها الإقليمية، إلا أن هذه القراءة خاطئة للوضع الذي نشأ في الأشهر القليلة الماضية. في الواقع، تقوم أنقرة بتنفيذ هذه العمليات من موقف قوة وليس من منطلق الجزع أو الخوف.
إن نموذج السياسة الخارجية التركي الذي يهيمن عليه الأمن ساهم في السنوات الأخيرة في جعل أنقرة أقوى في التعامل مع الجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى. وأعيد ترتيب خارطة التحالفات لتلائم المصالح التركية، حيث باتت أنقرة تتمتع بمكانة مهمة في المفاوضات.
ويبدو هذا جليا من خلال الدور الذي تلعبه تركيا من سوريا وصولا إلى ليبيا وشرق البحر الأبيض المتوسط ومؤخرا في القوقاز. كما أن إعادة رسم الخارطة الجيوسياسية للمنطقة في الأشهر الأخيرة خلق فرصة لتركيا لمجاراة البلدان الأخرى لتطبيع العلاقات مع “إسرائيل”.
أدركت كل من مصر و”إسرائيل” أنه لا يمكن تحقيق المصالح الاقتصادية الحاسمة في شرق البحر الأبيض المتوسط من دون توطيد العلاقات مع تركيا. دفعت نهاية الأزمة الديبلوماسية الخليجية السعوديين والإماراتيين إلى إعادة النظر في علاقتهم مع أنقرة، وذلك في ظل انحسار المشاحنات بين دول الخليج أيضًا.